حكى أبو محمد الصالحي قال: كنا حول سرير المعتضد بالله، ذات يوم نصف النهار، فقام بعد أن أكل، فانتبه منزعجاً وقال: يا غلمان، فأسرعنا الجواب، فقال: ويلكم!! أعينوني والحقوا بالشط، فأول ملاح ترونه منحدراً في سفينة فارغة، فأتوني به، ووكلوا بالسفينة من يحفظها، فأسرعنا فوجدنا ملاحاً في سفينة فجئنا به المعتضد، فلما رآه الملاح، كاد يتلف، فصاح عليه صيحة عظيمة، كادت روحه تذهب منها، وقال: أصدقني يا ملعون عن قضيتك مع المرأة التي قتلتها اليوم، وإلا ضربت عنقك، فتلعثم وقال: كنت في الشـّرعة الفلانية وقت السحر، فنزلت امرأة لم أر مثلها، عليها ثياب فاخرة، وحلي كثير وجواهر، فطمعت فيها، واحتلت عليها، حتى سددت فمها، وأخذت جميع ما كان عليها، ثم طرحتها في الماء، ولم أجسر على حمل سلبها إلى داري لئلا يفشو الخبر، فعوَّلت على الهرب والانحدار إلى الشط، فصبرت حتى خلا الشط في هذه الساعة من الملاحين، فأخذت في الانحدار، فتعلق بي هؤلاء القوم، فحملوني إليك. فقال: وأين الحلي والسلب؟ قال: في صدر السفينة تحت البواري، قال المعتضد: عليّ به الساعة، فلما أحضروه، أمر بتغريق الملاح ثم أمر أن يـُنادَى في بغداد، من خرجت له امرأة من الشرعة الفلانية سحراً، وعليها ثياب فاخرة وحلي، فليحضر، فحضر في اليوم الثاني أهلها، وأعطوا صفاتها وصفة ما كان عليها، فسلم ذلك إليهم، قال: فقلت يا مولاي، من أعلمك؟ أؤحي إليك بأمر هذه الصبية، قال: بل رأيت في منامي رجلاً أبيض الرأس واللحية والثياب، وهو ينادي، يا أحمد، أول ملاح ينحدر الساعة، فاقبض عليه، وقرِّره على المرأة التي قتلها اليوم ظلماً، وسلبها ثيابها وأقم الحد عليه، ولا يفتك، فكان ما شاهدتم.